biography
المركز الثقافي البغدادي التابع لمحافظة بغداد هو مركز ثقافي وفكري وأدبي وتاريخي وفني يقع في العاصمة العراقية بغداد في شارع المتنبي قرب تمثال المتنبي افتتح عام 2011 بعد صيانته وإعماره من قبل محافظة بغداد ليكون ملتقاً ثقافياً وأدبياً يجمع رواد الأدب والثقافة في بغداد والعراق.
موجز تاريخ المركز الثقافي البغدادي في شارع المتنبي ببغداد السلام
- القرن الخامس الهجري بحدود سنة 487 هـ – 1094م : بناء مدرسة الأمير (سعادة بن عبد الله الرومي) المتوفى سنة 500هـ/1109م وهو خادم الخليفة المستظهر بالله.
- القرن الخامس الهجري : (رباط سعادة) نسبة الى الأمير (سعادة بن عبد الله الرومي) وكان شيخ الرباط (وجيه الدين أبو حفص عمر بن عبد الله بن عموية السهروردي).
- العهد العثماني : اتخذ المبنى (دفترخانة) والتي تعنى بحفظ وتدقيق سجلات الأراضي والشؤون المالية ويقابلها الآن وزارة المالية.
- 1286هـ – 1870 م : بناء المدرسة الرشدية العسكرية على الشكل الحالي في عهد الوالي العثماني مدحت باشا.
- 1296هـ – 1879م : افتتاح الإعدادية العسكرية من قبل الوالي العثماني عبد الرحمن باشا.
- 1332- 1336هـ = 1914 – 1918 م : اتخذ المبنى مستشفى في الحرب العالمية الأولى.
- 1338هـ -1920 م : وزارة العدلية في أول حكومة عراقية وطنية.
- 1339-1412هـ = 1921 -1992 م : المحاكم المدنية العراقية.
- كما شغلت أجزاء منها وخلال هذه الفترة : كلية الحقوق/ دائرة الأوقاف/ المميز الشرعي/ المحكمة الجعفرية/ مجلس شورى الدولة/ محكمة استئناف الرصافة/ مخازن وأرشيف وزارة العدل/ نقابة المحامين.
- 1412- 1415هـ = 1992-1995 م : ترميم المبنى من قبل دائرة الآثار والتراث.
- 1416-1423هـ = 1996-2003م : معهد القران الكريم والسنة النبوية.
- 1423ـ1431هـ – 2003 -2010 م : تعرضت لأعمال التخريب وبقيت مهملة.
الجمعة 9 ربيع الأول 1432هـ الموافق 11/شباط/2011م
افتتاح المركز الثقافي البغدادي من قبل محافظة بغداد
في عهد الدكتور صلاح عبد الرزاق بعد إعادة ترميمها وصيانتها.
ملاحظة : تم الاعتماد على العديد من المصادر التاريخية وعدد من التواريخ تقريبي.
خلاصة تاريخية حول مبنى المركز الثقافي البغدادي
كانت تقوم في نهاية الحقبة العباسية مدارس عدة وأبنية ثقافية ومنها على ضفاف الجهة اليسرى من نهر دجلة مدرسة الأمير سعادة خادم الخليفة المستظهر بالله العباسي، ويذهب المؤرخون الى ان المبنى قد شغل وظائف عديدة قبل ان يتحول في العهد العثماني الى دائرة معنية بوثائق العقارات وبعض الشؤون المالية الأخرى التي اتخذت في عهد الولاة المماليك العثمانيين كما كانت تسمى (الدفترخانة)، أي مقر حفظ السجلات الرسمية وخاصة السجلات العقارية.
وفي العهد العثماني الأخير قام الوالي مدحت باشا سنة 1870م بتحويلها إلى المدرسة الرشدية العسكرية بعد أن أعاد بناءها بشكلها الحالي، لتكون أول مدرسة عسكرية حديثة ضمن سعي الدولة العثمانية لتحديث جيشها واقتباس النظم الأوربية في إعداده بعد إن أثقلته الهزائم في معاركه المستمرة مع الأوربيين حيث تستقبل خريجي المدرسة الرشدية، وبعد أكمال الدراسة يتم إرسالهم الى الكلية العسكرية في إسطنبول.
وأكمل بناء المدرسة المشير فوزي قائد الفيلق العثماني، وفي سنة 1879م افتتحها الوالي عبد الرحمن باشا باعتبارها الإعدادية العسكرية.
اتخذت المدرسة كمستشفى أثناء الحرب العالمية الأولى، وبعد الاحتلال البريطاني للعراق في الحرب العالمية الأولى اتخذها الإنجليز مقرًا للمحاكم المدنية سنة 1919م.
وبعد تأسيس المملكة العراقية سنة 1921م اتخذت أيضا مقرًا للمحاكم المدنية والجزائية، واستمر الحال كذلك حتى سنة 1978م.
إن أول ترميم لهذه البناية كان سنة 1992م، وذلك من قبل دائرة الآثار، واستغرق العمل ثلاث سنوات حتى سنة 1995م، حيث حافظت الدائرة على الهيئة التاريخية للبناية وأزالت الأبنية المستحدثة.
في نهاية القرن العشرين اتخذها أعضاء حزب البعث المنحل معهدا للقران والسنة0
في عام 2003م وبعد دخول الاحتلال الأمريكي إلى العراق تعرضت البناية إلى أعمال التخريب، وبقيت مهملة إلى إن قامت محافظة بغداد عام 2011م وفي عهد الدكتور صلاح عبد الرزاق محافظ بغداد الأسبق بإعادة تأهيلها وتحويلها إلى مركز ثقافي مهم.
وتم افتتاحه في شباط عام 2011م ليكلف الأستاذ محمود عبد الجبار عاشور مديرًا للمركز الثقافي البغدادي طيلة السنوات الثلاث (2011، 2012،2013)، ثم ليتسنم طالب عيسى في بداية عام 2014م إدارة المركز الثقافي البغدادي وهو مستمر بإدارته لغاية الآن.
الوصف العام
تحتل بناية المدرسة قطعة من الأرض مستطيلة الشكل أبعادها 76×58 مترًا تتوسطها مساحة يطل عليها البناء المتكون من طابقين الطابق الأرضي يحتوي على مجموعة من الغرف (القاعات) تقوم أمامها الأروقة ترتكز على 42 دعامة مستطيلة الشكل على غرار عقود بناية القشلة، تحمل هذه العقود الطارمة في الطابق العلوي، وتمتاز الطارمات العلوية عن الأروقة الأرضية بان أعمدتها من الخشب الذي يغلف أعمدة حديدية، وفي أعلاها تيجان خشبية يبلغ عددها 42 عمودًا أيضا، ويقع مدخل البناية في الضلع الشمالي مقابل الباب الجنوبي لبناية القشلة ويؤدي الباب إلى دهليز عريض ينفتح على الساحة الداخلية للبناية.
وتبلغ مساحة البناء التقريبية الكلية (6000 م) وتبلغ مساحة الأرض المبنية (3500 م) ، ويحتوي المبنى على أكثر من25 غرفة مساحتها 16-36 م .
وفي الفترات اللاحقة تم استخدام السمنت والحديد الشيلمان وكذلك الكونكريت المسلح لبناء الجسور والأعمدة في أربعينيات القرن الماضي.
قامت الهيئة العامة للتراث بأعمال صيانة للمبنى للحفاظ على الشكل التاريخي لها وإزالة المباني التي أضيفت في فترات متأخرة، واستمرت هذه الأعمال حتى سنة 1995م حيث شملت تقوية أسس الجدران وصيانة الأروقة وأعمدتها, وفي الطابق العلوي جرت صيانة جدران الغرف وتثبيت الجسور الحديدية وصيانة السطح وبناء ستارة له وصيانة الأبواب والشبابيك ومعالجة آفة الأرضة التي عبثت بمواد البناء الخشبية وتسبب في انهيار السقوف الخشبية لتصل إلى جدران.
كان للرطوبة تأثير كبير في استهلاك البناء مما استدعى معالجتها وإصلاح الأسس بالاسمنت.
المنظم الثقافي
المنظم الثقافي هو (شخص او مجموعة أشخاص او مؤسسة تكون مهمتهم الرئيسة تنظيم الحدث الثقافي)، او يمكن القول بعبارة اخرى (هو الشخص المسؤول عن التنظيم الثقافي).
والمنظم الثقافي يقوم بممارسة ديناميكية تعكس السياق الثقافي (الفني, التنظيمي والاجتماعي) حول وضع الفن والثقافة وقد ظهر حديثًا ليخضع العمل الثقافي للمقاييس العلمية والإدارية.
ان مصطلح المنظم الثقافي يكاد ان يكون معدومًا في مفردات الثقافة العراقية الا انه يعد جزءا مهمًا من العملية الثقافية في كل العالم المتحضر.
وتزامن ظهور هذا المصطلح مع تطور الإدارة الثقافية وهي الحقل الواسع من العمل الذي يؤثر على العديد من الأنشطة الثقافية والتي تعد العنصر الأهم في عملية نجاح الفعالية الثقافية.
ان المنظم الثقافي هو المدبر والمنسق والمشرف وهو في نهاية الأمر العنصر الفاعل في نجاح الفعالية الثقافية.
ويتطلب هذا المنظم مواصفات معينة لعل اهمها الاستعداد الحقيقي لإدارة العمل الثقافي، والثقافة الجيدة والمناسبة اضافة الى المؤهلات الادارية وقدرته على خلق الابداع.
يوجد في المركز الثقافي البغدادي ثلاثة أنواع من المنظمين الثقافيين:
- هم الفنانون الذين تولوا إدارة المؤسسات الثقافية وهذا النوع يكون ناجح في إقامة الفعاليات الفنية كالعروض المسرحية والسينمائية والتشكيلية لكن يعانون من بعض الضعف في الأداء الإداري.
- هم الكوادر الإدارية والذين تتصف إدارتهم بالبيروقراطية وهذا مما يفقدهم أهمية العناية بالجوانب الفنية بشكل كبير.
- هم المنظمون الذين يتمتعون بمؤهلات إدارية وثقافية على حد سواء ويصقلون مواهبهم بالخبرة والتجربة.
يزخر المركز الثقافي البغدادي بعشرات المنظمين الثقافيين العراقيين (كمسئولي المؤسسات ومدراء الندوات ومنظمي المهرجانات ومنظمي المعارض التشكيلية والفوتوغرافية والتأريخية والتراثية ومنظمي المسرحيات والعروض السينمائية) والذين كانوا جزءا مهما في كل الفعاليات الثقافية.
حكمة الثقافة
بالرغم من اختلاف الأذواق الثقافية وتعدد الاتجاهات الفكرية في العراق فقد استطاع المركز الثقافي البغدادي ان يكون محلًا رائعًا في العراق لتجلي (حكمة الثقافة) حيث اعتمد الكليات والحقائق العامة في النهج العام للمركز ومن ثمَ التحكم بمراتب الثقافة وحسب أهميتها وحاجة المجتمع العراقي اليها.
ان حكمة الثقافة تعني ان نعرف الى اين نريد الوصول بحسب الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي الذي نعيشه.
انها تعني ان نقوم بإذابة كل مشكلات (تعريف الثقافة) التي ضجت بها كتب القوم والتي نبحث عنها من اجل ان نصل الى بناء حضارة حقيقية يكون البعد الثقافي هو البعد الدافع والمحرك لها وهذا لا يعني بالضرورة إذابة الخصوصيات من اجل ان نواكب العالم بل ان نعتمد على أنفسنا ونعلن الاستقلال الثقافي الحقيقي ونبني حضارة تليق بالسبعة الألاف سنة ..!!
وهنا نصل الى نتيجة مهمة جدا وهي (الحكمة ثقافة).
الإدارة الثقافية
لقد ظهر (مفهوم الإدارة الثقافية) منذ أكثر من خمسة عشر سنة وبدأنا نشهد ميلاد (الإدارة الثقافية)، بسبب الحاجة الملحة في كيفية تسيير المؤسسات الثقافية.
يرى الباحث في الإدارة الثقافية، ميشيل آرمسترونغ (أن إدارة الثقافة هي تطوير وتدعيم ثقافة المؤسسة لتصبح ثقافة ملائمة وفعالة قادرة على تحقيق أهدافها، من خلال تدعيم الثقافة الفعالة للمؤسسة أو تغيير الثقافة غير الفعالة فيها، من خلال تحليل وتشخيص يتم تطبيقه باستخدام وسائل التدعيم والتغيير اللازمة).
لذلك (الإدارة الثقافية) تعني مجموع (مفاهيم المعرفة الثقافية والإجراءات الإدارية) في كل مجالات الثقافة وتعتبر محركا حقيقيا لتطور المؤسسات والروابط والمجموعات والشبكات الثقافية.
وتعتبر فرنسا من الدول الرائدة في هذا المجال لاسيما مع معرفة ان المعنيين القلائل المعتنين بهذا المجال في عالمنا العربي قد أكملوا دراستهم في هذا المجال فيها، كما ان التفاتة وزارة الثقافة المصرية على أهمية الإدارة الثقافية وإنشاء حقل خاص بها ضمن جائزة الدولة للإبداع الفني، وكذلك إدراجها مادة تدريسية في معاهد الفنون الجميلة في بعض البلدان العربية لهو دليل على أهمية هذا الحقل الثقافي الجديد.
وقد بدأ هذا المفهوم بالتبلور في الثقافة العراقية بشكل بسيط في أحضان المركز الثقافي البغدادي وظهرت الحاجة الملحة بسبب كثرة المؤسسات الثقافية، وأصبحنا بحاجة الى إداريين ثقافيين للفعاليات قبل أن يكونوا فنانين أو مثقفين، وبذلك لن نخسر شاعراً او كاتباً في سبيل تحميله مسؤولية إدارية في إدارة مؤسسة ثقافية ما لم يكون اداريا او على الاقل اكتسب الخبرة الإدارية.
ان النجاح في الإدارة الثقافية متعلق بالإرادة السياسية التي تستطيع تسخير كل الإمكانيات للنهوض بالواقع الثقافي وهذه الصورة لن تكتمل ما لم تكن مقرونة بوجود سياسة ثقافية واضحة المعالم يكون محورها التكامل للمؤسسات الثقافية فيما بينها من اجل خلق الصورة الثقافية الإبداعية.
لقد أصبحت الإدارة الثقافية أهم المجالات بالساحة الثقافية العالمية وذلك لأهمية الدور المحوري للثقافة وأخذت كل المجتمعات المتحضرة بوضع الخطط الإستراتيجية للنهوض بالواقع الثقافي من خلال وضع الخطط العلمية للتنمية الثقافية.
وإمام الإستراتيجية الثقافية للاتجاه الأمريكي والقائمة على عدم التدخل المباشر في الثقافة والإستراتيجية الأوربية والقائمة على الميل الى التدخل في الثقافة، فان علينا ان نرسم السياسة الثقافية المبنية على نظرية ثقافية مستقلة وإشراك مؤسسات المجتمع المدني الحقيقية، وكذلك التجمعات الثقافية الحرة من اجل خلق الأرضية المناسبة لخلق الإبداع، لاسيما وان بلد مثل العراق له من مقومات النهوض ما يجعل ذلك ممكنا بالرغم من الظرف الصعب الذي يعيشه.
المركز الثقافي البغدادي والمجتمع
تلعب الثقافة دورا مهما في المجتمعات وأصبحت عنصرا مهما أساسيا في تنمية المجتمع، فلا ثقافة بلا مجتمع كما ان استمرارية المجتمع لا تكون الا بالثقافة، وأصبحت الثقافة طريقًا هامًا للتربية والتكامل.
لقد استطاع المركز الثقافي البغدادي ان يكون نواة للمجتمع الثقافي العراقي واستطاع ان يكون رئة المثقف العراقي، وقد سمي المركز الثقافي البغدادي في اكثر من مناسبة بـ (سوق عكاظ )، وأصبحت ظاهرة شارع المتنبي مجتمعًا خاصًا يعيشه البغداديون نهار الجمعة من اجل الاجتماع وتدارس أمورهم، وباتت ظاهرة وجود المؤسسات الثقافية بكل أشكالها العفوية او المبتكرة دليلًا على حيوية المجتمع البغدادي، فالإبداع الثقافي مقدمة للتطور الاقتصادي والاجتماعي.
ان وجود هذا العدد الكبير من الفعاليات الثقافية ترك اثارا كبيرة بسبب تأثيرها على الحياة الاجتماعية ومن إشكال الفعاليات التي اهتمت بالجوانب الاجتماعية ان بعض الندوات الثقافية فتحت بابًا مهمًا في مناقشة الاستثمار الثقافي، وساهمت (حملات التبرع بالدم ودعم الفقراء واليتامى وكذلك تشكيل اللجان الثقافية الخاصة بدعم النازحين) بمجملها في تحقيق انسجام اجتماعي وتنمية واضحة للذوق الجمالي.
المركز الثقافي البغدادي والتنمية
ان التنمية هي عمل حضاري شمولي يمس مختلف جوانب حياة الإفراد في إبعادها السياسية والاقتصادية والاجتماعية وان ادراج الثقافة في التنمية في العصر الحديث جاء نتيجة طبيعية لتطور فهم الإنسان لنوعية الحياة التي يريد ان يعيشها.
ويخبرنا الموقع الرسمي لليونسكو عن (أهمية وضع الثقافة في صميم سياسة التنمية ويعد استثمارًا أساسيًا في مستقبل العالم وشرطًا مسبقًا لعمليات ناجحة تأخذ بعين الاعتبار مبادئ التنوع الثقافي).
لذلك كان للمركز الثقافي البغدادي دورًا مهمًا في إقناع صانعي القرارات السياسية على اختلاف أذواقهم والفاعلين اجتماعيا من دمج التنوع الثقافي وقيم التعددية الثقافية في مجمل المشهد العراقي وان كان في بعض إشكاله غير معلن وواضح المعالم.
وشكل شارع المتنبي والمركز الثقافي البغدادي قوة معتد بها في سبيل التعبير الحضاري عن نظرة المثقف العراقي لمجمل المشهد العراقي على مختلف الصعد.
تعتبر ندوات التنمية البشرية والتنمية المستدامة وندوات التسامح ودعوات المحبة والسلام وارتباط بعض المهرجانات باسم السلام خلال سنة2014م محورًا رئيسًا ومهمًا في خلق التنوع الثقافي الذي يعد عاملا مهما في التنمية.
يمكن لهذا الجانب ان يلعب دورًا أساسيا في مستقبل البلد اذا ما تم استغلاله من المؤسسات الثقافية العاملة في المركز خصوصا والوسط الثقافي عموما.
المركز الثقافي البغدادي والسياحة الثقافية
ان المبنى التاريخي للمركز الثقافي البغدادي وامتداد عمر بنايته لأكثر من مئة سنة إضافة الى الشكل المعماري القديم وكونه يقع ضمن مجموعة أبنية تراثية جعلته موقعا تراثيا ثقافيا مهما في مجال السياحة الثقافية والتي تشهد تطورا كبيرا في العالم.
ولقد ساهم المركز الثقافي البغدادي باستحداث مناسبات مهمة واستغلال ظروف معينة مكنت من إعادة الحياة ولو بشكل بسيط الى بعض الصناعات التراثية القديمة وكذلك بعض العادات العراقية البغدادية .
وشكلت فعاليات إحياء الأيام العالمية والتي حددتها الأمم المتحدة كيوم التراث العالمي وإقامة المعارض التراثية والتأريخية وندوات حول بعض العادات البغدادية لعل أبرزها محاولة إحياء السدارة البغدادية محورًا مهمًا في خلق الأجواء المناسبة لتوفير سياحة ثقافية بغدادية ممكن ان تتطور بمرور الزمن على ان تراعى أهمية الموقع التاريخي وتوفير الحماية لمنع حدوث الضرر وكذلك من الممكن ان تستثمر بعض الصناعات القديمة في الأبنية التاريخية القريبة.
السياسة الثقافية للمركز الثقافي البغدادي
تعرف السياسات الثقافية بانها (مجمل الخطط والأفعال والممارسات الثقافية التي تهدف الى سد الحاجات الثقافية لمجتمع ما، عبر الاستثمار الأقصى لكل الموارد المادية والبشرية المتوفرة لذلك المجتمع).
لقد استغل المركز الثقافي البغدادي كل الإمكانيات المادية والبشرية في سبيل ان تكون سنة 2014 سنة مميزة.
وانتهج المركز الثقافي البغدادي وبما تيسر له من إمكانيات سياسة ثقافية واضحة المعالم حاولت استيعاب اغلب الاتجاهات الفكرية والعقائدية والثقافية ومن مختلف مكونات الشعب العراقي لان (قدرة أي ثقافة على الإبداع والمساهمة في الفعل الحضاري الإنساني تقاس بقدرتها على استيعاب الاختلاف والتناقض).
واستخدم المركز لغة ثقافية موحدة وفتح المجال للرواد والموهوبين وللشباب من اجل خلق حالة إبداعية جديدة شكلت بمجملها لوحة رسمت بأيادي كثيرة .
وحرص المركز على ان يكون مشاركا حقيقيا لكل المؤسسات وعنصرا مهما في إنجاح الفعاليات الثقافية ووفر البنى التحتية الثقافية بجميع أشكالها من اجل مساندة كل المؤسسات الثقافية.
ولم يقتصر دور المركز على انتظار المبادرات بل حرص على اخذ المبادرة ومد جسور التعاون لأغلب المؤسسات الحكومية العاملة في مجال الثقافة والتربية والتعليم وحقوق الإنسان وغيرها وكذلك منظمات المجتمع المدني، ورفد كافة الجهات بالأفكار المبتكرة والجديدة والتي ساهمت في كثير من الأحيان في نجاح معظم الفعاليات الثقافية .
ان دور السياسة الثقافية للمركز الثقافي البغدادي هو تنظيم تدخل ادارته في الفعاليات الثقافية، من خلال مجموعة من الإجراءات التي تتناسب مع خصوصية المجتمع العراقي، وبما يضمن استغلال كل الإبداعات الموجودة على الساحة الثقافية وتحرير حالة الإبداع من المعوقات ووضع الحلول الحقيقية للمشكلات وبشكل علمي ومدروس حتى وان تطلب الأمر وقتا طويلا بسبب بعض الخصوصيات للمشاكل التي تعترض طريق التكامل الثقافي.
ولم ينطلق المركز في اغلب جوانب تلك السياسة من واقع مجرد ومثالي، وإنما من معطيات واضحة من اجل ان تكون أساسا مهما في تعزيز البنى التحتية الثقافية للمركز الثقافي البغدادي ومواكبة حجم التحديات الوطنية ودراسة الواقع الزماني للفعاليات واخذ البعد التاريخي والاجتماعي والاقتصادي للارتقاء بالفكر والمعرفة إلى مستوى المعاصرة والمساهمة في أنسنة واقع الحياة العراقية.
المؤسسات الثقافية في المركز الثقافي البغدادي
لقد وفر المركز الثقافي البغدادي الفضاء المفتوح والمساحة الواسعة لعمل مؤسسات المجتمع المدني لاسيما الثقافية منها.
ان عمل المؤسسات الثقافية ليس هو من سنخ عمل مؤسسات المجتمع المدني الأخرى كون ان هذه المؤسسات تتميز بخصوصية تعاملها مع الكيان المعنوي للإنسان.
ان (إدارة المؤسسات الثقافية) يعني ان تكون ملمة بأمور الإدارة وكذلك ان تكون لديها معرفة معتد بها في مجالات الأدب والفنون التشكيلية والموسيقى والمسرح والسينما، ومدى تأثر تفاعل هذه الأمور بالسياسة والاقتصاد والاجتماع والقانون.
لذلك تتميز هذه المؤسسات بعوامل متغيرة كثيرة وحسب توجهات العاملين في هذه المؤسسات.
يمكن تقسم المؤسسات الثقافية في المركز الى ما ياتي:
المؤسسات الأدبية: والتي تعنى بأمور الشعر والقصة والقصة القصيرة والرواية وغيرها من فنون الشعر كالورشة الثقافية ومجموعة شعراء المتنبي.
مؤسسات الفنون التشكيلية :كالرسم والنحت وغيرها كالمرسم الحر والمرسم الجوال .
الفرق المسرحية.
المجموعات السينمائية.
المؤسسات الفنية : والتي تجمع بين المسرح والسينما والفن التشكيلي كمؤسسة نبض الفن.
المؤسسات الفكرية :كمنتدى فيض للثقافة والفكر ورابطة بغداد/العراق الثقافية.
المؤسسات التي تعنى باقامة المهرجانات كتجمع لقاء الأشقاء.
الافراد واغلبهم من أصحاب المعارض التشكيلية والفنية والتراثية.
المؤسسات التأريخية : كمنظمة اثر.
المؤسسات التراثية : كمنظمة افاق بغداد.
المؤسسات التي تعنى بمعارض الكتب كمؤسسة المدى والكتبي.
وعلى اثر هذا التقسيم نجد جليا ان بعض المؤسسات تقوم بإنتاج الثقافة بالاعتماد على أعضائها وبعض المؤسسات تقوم بعمل تنظيم الفعاليات الثقافية المختلفة دون ان تكون مصدرا لإنتاج الثقافة لاسيما منظمي المهرجانات .
ان اغلب المؤسسات في المركز الثقافي تتشابه في الهيكل الإداري والتنظيمي حيث تتكون من رئيس ومجلس إدارة، والسبب في ذلك هو الصورة الروتينية القائمة لمؤسسات المجتمع المدني حيث اعتمادها على صيغة واحدة ومكررة وبذلك افقدها أهم عنصر من عناصر الإدارة وهو التميز.
كما ان اعتماد العفوية في بعض الفعاليات قد سلبها القوة التنظيمية وميزات النجاح الأخرى وكان من الممكن ان تكون العفوية عنصرا مثيرا في حال وجود عمل تنظيمي واضح.
ومن المهم ان تعرف المؤسسة الإمكانيات المتاحة لها من اجل ان تحدد أسلوبها الإداري وان تواجه خلافاتها الداخلية بشكل هادئ ومتزن .
كما يتوجب عليها معرفة الموقع الثقافي والاجتماعي والموقع الذي تريد الوصول اليه وهذا لا يكون الا بعد ان تعرف حجمها الحقيقي والحجم الذي تسعى اليه.
المركز الثقافي البغدادي والمشروع الثقافي
ان هدف المشروع الثقافي هو تنفيذ فكرة ثقافية لها بداية ونهاية واضحة المعالم.
لقد قسم المعنيون بالشأن الثقافي المشاريع الى ثلاثة أصناف :
- هي التي لا تتكرر ومنها تصميم قطع معينة في معرض ما.
- هي ما تحدث لمرة واحدة كنشر كتاب او عرض مسرحي.
- هي المشاريع الدورية كالمهرجان السنوي والمسابقة الفنية السنوية وغيرها.
يجب على المؤسسة ان تحدد الهدف من المشروع الثقافي وتحدد الإنتاج الثقافي الخاص بالمشروع وتحديد أهداف المشروع ومضمونه وأخيرا وضع خطه لتنفيذ المشروع الثقافي .
لقد استطاع المركز الثقافي البغدادي ان يكون معهدا للتدريب في مجال الإعداد للمشاريع الثقافية بمختلف مستوياتها، وهذا ما نجده في عملية تكرار بعض المشاريع الثقافية التي ولدت في المركز الثقافي البغدادي ثم انتقلت الى اماكن اخرى مما ساهم وبشكل كبير قي اثراء الحركة الثقافية العراقية.
المركز الثقافي البغدادي صمام امان
للثقافة دور كبير في معالجة الكثير من المشاكل الحاصلة في النظام السياسي والاجتماعي، كما ان لها دورا مهما وفعالا في كل التحولات التي تمر بها الامم، ذلك ان الثقافة تساهم وبشكل كبير الى دفع حركة التقدم نحو البناء الحضاري فما من نهضة حضارية الا وسبقتها نهضة ثقافية.
كما ان التجارب التي عاشتها اوربا من الممكن الاستفادة منها مع الاحتفاظ بخصوصية العراق، والمركز الثقافي البغدادي استطاع ان يكون عنصرا مهدئا في حياة البغداديين، ولا زال المركز الثقافي البغدادي يعيش هذه التجربة الفتية لا سيما وان اغلب الفعاليات المقامة هي فعاليات شابة بل اصبح يزاوج بين تجربتين الأولى هي الريادة والثانية هي الشبابية.
ولعل نشوء المركز الثقافي صب في مصلحة الجهود الرامية الى الحفاظ على النظم الثقافية من الضياع بفعل الخراب الذي تركه نظام البعض قبل سنة 2003 والاحتلال الأمريكي بعد سنة 2003.
واصبح المركز ارشيفًا تراثيًا للحياة البغدادية كما ان اهمية المعارض التأريخية تبرز من كونها أرشيفا تسجيلي ساهمت الصورة في الحفاظ عليه.
يمكن ان يساهم المركز الثقافي البغدادي في عملية التنوع الثقافي التي هي جزء أساسي في التنظير العالمي للثقافة.
صناعة الثقافة
لقد أصبحت الصناعات الإبداعية جزءا مهما من الاقتصاديات العالمية وبدأت الاسواق الثقافية تحتل مساحة واسعة من الاقتصاد العالمي وتشهد تطورا متزايدا خصوصا مع التقدم التكنولوجي الحاصل.
ان أهمية المركز الثقافي البغدادي تبرز في أهمية الحفاظ على الخصوصية الثقافية البغدادية في مواجهة النظم الثقافية المستوردة والتي تؤدي الى حصول نقص كبير في مساحات الثقافة المحلية، وهذا مما يستدعي تشجيع الصناعات الثقافية المحلية وذلك من اجل البقاء ثقافيا وهذا لا يمكن ان يحصل دون الحفاظ على الهوية الثقافية الوطنية وإفساح المجال امام المؤسسات الثقافية للمساهمة في عملية الإنتاج الثقافي وكذلك اهمية معرفة هذه المؤسسات إمكانية خلق سوق جيدة للثقافة.
لعل اهم تجربة مرت في المركز الثقافي البغدادي والتي من الممكن استثمارها لاحقا في السنوات المقبلة تجسدت في مهرجان الأفلام السينمائية حيث إقامته مؤسسة نبض الفن والذي تضمن عرض 15 فلم من إنتاج شبابي خالص.
وكذلك مساهمة المركز الثقافي البغدادي بنشوء سوق او بزار غير معلن لبيع اللوحات والتحف وبعض الصناعات التراثية الأخرى إثناء إقامة بعض المهرجانات.
دعم المنظمات الثقافية
لقد قدم المركز الثقافي البغدادي خلال الفترة السابقة دعما مهما في مجال بناء القدرات والتنظيم الداخلي للمنظمات الثقافية، وفي مجال التخطيط الاستراتيجي، وشجع روح المنافسة الثقافية ودعم الطموحات الشابة، ورفع مستوى التميز في الفعاليات والأنشطة المختلفة، ورفع مستوى الوعي بأهمية العمل الثقافي والتركيز على مبدأ التنوع الثقافي والتاكيد على مبدا تحديد البرنامج الثقافي.
دور المعرفة المتعاظم في المركز الثقافي البغدادي
ان نشر المعرفة يعد مقياسا ثقافيا مهما لا سيما في المجتمعات الحديثة النشو ، قد استطاع المركز الثقافي البغدادي ان يقدم نموذجا مهما في مجال المعرفة الثقافية من خلال محاور التعليم والتي أقيمت عدد من الندوات المهمة والتي اهتمت بكل كبير بمحتوى المعرفة وتحت معنونات مهمة.
لعل اوضح مثال على هذا الدور ظهور منتدى فيض للثقافة والفكر والذي قدم من خلال 15 ندوة فكرية بعدا معرفيا مهما في فعاليات المركز.
واخيرا اننا بحاجة الى دراسات أكاديمية وثقافية مهمة لتشمل الكثير الكثير من المسارات منها المركز الثقافي البغدادي في الإعلام وعلاقته بالجامعات والمؤسسات الحكومية والعمل التطوعي والمشاركات الخارجية وغيرها من المسارات المهمة والتي سنطرح مجمل أفكارها في كتاب خاص مستقبلًا ان شاء الله .
قاعات ومكتبات ومتاحف المركز الثقافي البغدادي
الطابق الأرضي:
- قاعة محمد غني حكمت للفنون التشكيلية حيث تقام المعارض التشكيلية والفنية.
- قاعة حسين علي محفوظ لعقد الندوات الفكرية والمعرفية كما تضم المكتبات الآتية :
- الصحفية ابتسام عبد الله .
- الصحفي المرحوم أمير الحلو.
- الأستاذ عبد الجبار محمود عاشور
- مكتبة المرحوم عباس عبد الصاحب علي الكازاروني.
- قاعة الف ليلة وليلة للعروض السينمائية وكذلك الندوات.
- مسرح الشناشيل للفعاليات التراثية وتاريخ بغداد والمقام العراقي.
- الملتقى الثقافي واستراحة المثقفين.
- مسرح سامي عبد الحميد للمؤتمرات والمهرجانات المركزية الخاصة بمحافظة بغداد.
- مركز المتنبي الصغير (فعاليات خاصة الأطفال).
- متحف دليل الجمهورية العراقية (خاص بعرض وثائق تأسيس بدايات العهد الجمهوري في العراق) وبالتعاون مع المؤرشف هادي الطائي.
- مكتبة المرحوم الباحث التراثي حسين حاتم الملا عبود الكرخي.
الطابق العلوي:
قاعة دجلة وتحتوي على :
- مكتبة ومتحف الفنان العراقي والطبيب علاء بشير.
- مكتبة الملحن المرحوم حسين قدوري.
- قاعة علي الوردي لعقد المحاضرات والندوات.
- قاعة جواد سليم لعقد الندوات والاصابيح الأدبية.
- قاعة مصطفى جواد وتحتوي على المكتبات الآتية.
- مكتبة الباحث التراثي نبيل الحسيناوي.
- مكتبة ال الخليلي وتضم مكتبات : (الأستاذ أمان احمد الخليلي، الحاج جبار محمد علي الخليلي، الأستاذ عبد الغني الخليلي، الدكتور ماهر جبار الخليلي، مكتبة عائلة آل الخليلي التابعة لمدرسة الخليلي العريقة).
- مكتبة الباحث التراثي رفعت الصفار.
- مكتبة المؤرخ المعاصر الصحفي شامل عبد القادر.
- مكتبة وزير الإرشاد في الخمسينات المؤرخ الدكتور فيصل السامر وابنته عميد كلية اللغات بجامعة بغداد الدكتورة المرحومة سوسن السامر.
- مكتبة الوزيرة المفوضة السابقة المرحومة سهى الطريحي.
- مكتبة بغداد المركزية وتضم اجنحة مهداة من وزارة الثقافة ودار المأمون للترجمة والنشر وكذلك كتب العتبة العلوية والعباسية وجناح كتب الشهيدين الصدرين اضافة الى مكتبة الموصلي المرحوم الاستاذ هادي القصاب.
- مكتبة المؤرخ والمحقق والدكتور المرحوم عماد عبد السلام .
- مكتبة المفكر والكاتب الشهيد عزيز السيد جاسم .
- متحف ارض الرافدين لعرض التراثيات وبالتعاون مع المؤرشف صباح السعدي.
- متحف دار السلام لعرض التراثيات وبالتعاون مع المؤرشف سيد محمد علوان.
- مكتبة معاون رئيس التشريفات في عهد الملك فيصل الثاني ومدير الإذاعة العراقية الأسبق الكاتب المرحوم عبد الرزاق الهلالي.
- مكتبة الشهيد الإعلامي اسعد كاظم.
- مكتبة المحقق والباحث التراثي المرحوم عبد الحميد الرشودي.
- مكتبة علامة العراق في الري والحضارة المرحوم الدكتور احمد سوسه.
- مكتبة المحقق والكاتب المرحوم ميخائيل عواد.
- مكتبة عميد الوثائقيين العرب الباحث المرحوم الأستاذ سالم الالوسي.
- قاعة ومكتبة رائدة الشعر العربي الحر الشاعرة المرحومة نازك الملائكة.